الحمد لله واهب النعم ناشر الرمم دافع النقم وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له بأمره جرى القلم ومن فضله سالت الديم وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله المخصوص ببدائع الكلم وروائع الحكم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الشيم ومن سار على دربهم وأتم
أما بعد :
فإن من أجل العبادات وأفضل القربات وأعظم الطاعات سلامة الصدر على المؤمنين والمؤمنات ولعمر الله إنها لحلة الكرماء وحلية العظماء وهي باب من أبواب التوفيق وزاوية من زوايا القبول عند الله وعند خلقه وهي حلة الناس في كل زمان بأمس ما تكون الحاجة إليها وبخاصة في زماننا الذي كثرت فيه النزاعات واستحكمت فيه الماديات وهذه كلمات من صدر مكلوم ونفثات من فوائد مكتوم لما يرى من انتشار للغل والحسد والظغينة عسى أن تنفع في سل السخائم وغسل وحر القلوب وقد أفدت من بعض الكتب ومن مواقع الإنترنت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
الحقد داء دفين :
ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب مبرأ من وساوس الظغينة وثوران الأحقاد إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها وإذا رأى أذى يلحق أحداً رثى له ورجا تفريج كربته ففساد القلب داء عضال ومرض قتال من سلمه الله منه سعد وإن الشيطان قد يعجز عن أيقاع الإنسان في الشرك ولكن لا يعجز عن إيقاد نار العدواة في القلوب التي تلتهم الأخضر واليابس في عالم الفضائل والمناقب .
إن جمهور الحاقدين عندما تغلي مراجل الحقد في قلوبهم لا يدرون أنهم يكونون بذلك خلفاء للإبليس فمن عرف قصة خلق آدم وما جرى من إبليس عرف أن هذه الخصلة المقيتة من خصال إبليس وذلك إن الشيطان لما طُرد من الجنة امتلأ غِلاً وبُغضاً لآدم وذريته وأخذ عهداً على نفسه بإغوائهم وإشقائهم ومِن أعظم وسائله في ذلك زرعُ الغلِّ والبغضاء في النفوس وقد كان ذلك أوَّل ذنب عُصي الله تعالى به في الأرض وأدّى إلى قتل ابن آدم الأوّل لأخيه فتأمل يا رعاك الله كيف أن أمراض القلوب من حسد وغل هي أول ذنب عصيي الله به في الأرض والسماء وهي من أعظم أسباب الفساد في قديم الزمان وحديثه .