وصفة الإخلاص في طلب العلم : أن يكون الغرض من طلب العلم ابتغاء مرضاة الله تعالى، والقيام بالواجبات الشرعية الخاصة والعامة على الوجه الذي شرعه الله تعالى وأمر به ، وينوي رفع الجهل عن نفسه وعن الآخرين ؛ لتكون كلمة الله هي العليا .
ويحذّر من طلب العلم سمعة ورياء ليقال عنه عالم أو نحو ذلك من الألقاب ، ولا يطلبه ليحصل الشرف أو الرياسة أو ليتصدر به المجالس ، ولا من أجل المال وحطام الدنيا ، ولا من أجل أن يصرف إليه وجوه الناس ..!!
فإن أصيب طالب العلم بشيء من ذلك فعمله مردود، وعبادته لا تقبل، وطلبه للعلم وبالا عليه وشقاء ..!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيبَ به عرضاً من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنة يومَ القيامة " يعني ريحها ) أخرجه أبو داود . وقال صلى الله عليه وسلم :" لا تعلَّموا العلم لتباهوا به العلماء، أو تماروا به السفهاء، ولا تخيَّروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار " أخرجه ابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم:" من ابتغى العلم ليُباهي به العلماء، أو يُماري به السفهاءَ، أو تُقبل أفئدة الناس إليه، فإلى النار " أخرجه الحاكم. وفي رواية:" أو ليصرف وجوه الناس إليه، فهو في النار ".
ومن حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ورجل تعلم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلمَ وعلمتُه، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبتَ، ولكنك تعلمتَ ليُقال: عالمٌ، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثمَّ أُمِرَ به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار " مسلم.
وعن عمر بن الخطابرضي الله عنه قال: قال رسول الله:" يظهر الإسلام حتى تختلفَ التجارُ في البحر، وحتى تخوض الخيلُ في سبيل الله، ثم يظهر قومٌ يقرؤون القرآن، يقولون: من أقرأ منَّا؟ من أعلم منَّا؟ من أفقه منا؟! ثم قال لأصحابه: هل في أولئك من خير؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:" أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار " أخرجه الطبراني . نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
فإن قيل: ماذا إذا حصل الثناء الحسن ووضع القبول ؟
فيقال : هذه عاجلة بشرى المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فله أن يُسرّ بها ، ويحمد الله عليها ، ولكن ليس له أن يطلبها ويبحث عنها، أو تكون هي مقصده من طلب للعلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بشِّر هذه الأمة بالتيسير، والسناء، والرفعة بالدين، والتمكين في البلاد، والنصر فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب " أخرجه البيهقي.
وقال صلى الله عليه وسلم:" من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة "
وفي رواية عن أنسٍٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كانت الدنيا هِمَّتَه وسَدَمَه ولها شَخَصٌ، وإياها ينوي؛ جعل الله الفقر بين عينيه، وشتت عليه ضيعتَه، ولم يأتهِ منها إلا ما كُتب له منها. ومن كانت الآخرة هِمَّتَه وسدَمه، ولها شخَص، وإياها ينوي؛ جعل الله عز وجل الغنى في قلبه، وجمع عليه ضيعته، وأتته الدنيا وهي صاغرة " أخرجه الطبراني.
والقضية تحتاج إلى مجاهدة ومتابعة كما سفيان الثوري : ما عالجتُ شيئاً أشدَّ عليَّ من نيتي؛ لأنها تتقلب علي ".
وعن يوسف بن أسباط، قال:" تخليص النيَّة من فسادها أشدُّ على العاملين من طول الاجتهاد "
وقال الدارقطني : طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله .
وقال الشاطبي: آخر الأشياء نزولاً من قلوب الصالحين حب السلطة والتصدر.
وقال أيوب ذكرت ، ولا أحب أن أذكر.
ولما بلغ أحمد أن الناس يدعون له ، قال : ليته لا يكون استدراجا .
قال عبد الرحمن بن مهدي : سألت بشر بن منصور فقلت عندي حلقة بالمسجد الحرام فإذا كثر الناس فيها فرحت ، وإذا قلوا حزنت ، فقال : مجلس سوء فلا تعد إليه.