- أنا فتاة أبلغ من العمر (35 ) تقدم لخطبتي الكثير ولكن أبي يرفض والسبب لأنه لا يقوم بخدمة البيت غيري وقد نفد صبري حتى أني أفكر في الانتحار فهل من حل ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فمشكلة عضل الأولياء مولياتهم ومنعهم من التزويج بالأكفاء يعاني منها كثير من الفتيات ، ولا شك في حرمة ذلك شرعا وشناعته عقلا ، وآثاره خطيرة على الولي وموليته والمجتمع بأسره ، فلا بد من تعاون الجميع على حلها وخاصة النخب المثقفة 0
وحل المشكلة يكمن في النقاط التالية :
1- الحوار الهادئ مع ذلك الأب حوارا يتضمن إشعار الأب بمعاني الحب والاحترام والامتنان ، ثم توجيه الخطاب لمشاعره الحانية ، وبيان حجم المعاناة التي تمر بها البنت ، وإثارة كوامن الحنان والشفقة فيه 0 وهذه الطريقة جربها الكثير فكانت أجدى من غيرها ، ولها تأثيرها الساحر ، فما خلا قلب والد من حنان 0
2- إذا لم يجد هذا الأسلوب فينتقل إلى بيان موقف الشرع من هذا الأمر ، مع تخويفه من الله ، ويذكر بيوم الوقوف بين يدي الله ، ولا شك أن هذا الأسلوب له أثر بالغ في نفس كل مسلم 0
3- عند الفشل في ذلك ، فإننا نطرح المسألة على بساط العقل والنظر ، فإن هذا الرفض لا مسوغ له في الحقيقة ويمكن العدول عن الرفض مقابل بعض التنازلات من جهة البنت 0
وبعض الأولياء يلجأ عند هذه النقطة إلى الطعن في المتقدم لطلب الزواج واختلاق بعض العيوب ، ولكن ما أن يسلط عليها الضوء على تلك الطعون حتى تعلن إفلاسها وعدم مصداقيتها 0
4- قد لا تستطيع المرأة بسبب الحياء أو الخوف أو التكوين الثقافي أو الاجتماعي من القيام بهذه الخطوات ، وهنا يلجأ -وبدون علم الولي - إلى أفراد الأسرة القادرين كالأم والجد والأخوة ثم الأعمام أو أحد الأقرباء ، وخاصة ممن لهم تأثير أو لديهم تقدير عند الولي 0
5- عند إصرار ذلك الولي على موقفه فإنها تسقط ولايته على هذه المرأة ، وتنتقل إلى من بعده 0
6- وللمرأة الحق في الرفع للقاضي والذي سيعالج الأمر بالحلول الممكنة وآخرها إسقاط الولاية ، وتزويج المرأة عن طريق القضاء، وقد حصل هذا كثيرا في عرض التاريخ وطوله 0
7- وبهذا ندرك أن هذه المشكلة لها حلولها مما يجعل المرأة تدرك أن الشرع الذي جعل الولاية في النكاح قصد المحافظة عليها وصيانتها عما لا يليق بها ، وعندما تستخدم الولاية بقصد الإضرار بها ،
فإن الشرع يتدخل ليحسم الأمر ، ويمنع الظلم 0
8- مما سبق يتضح أنه لا داعي للتفكير بالهروب من المنزل أو الانتحار أو غير ذلك ، بل الحل يتأتى بأمور أهون من ذلك بكثير 0
9- أخيرا أذكر بحلول لها الأثر الكبير في تحقيق هذا المطلب ، ومنها الإكثار من الاستغفار ، والدعاء وخاصة في أوقات الإجابة ، والصدقة وخاصة صدقة السر ، والاجتهاد في بر ذلك الوالد والإحسان إليه قال تعالى ( وصاحبهما في الدنيا معروفا ) 0
10- ولا بد من إشغال النفس عن التفكير بعمل مفيد كطلب علم ومنه حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية ، والعبادة من صلاة وصيام والإكثار من النوافل وخاصة قيام الليل ، ومزاولة الهوايات النافعة ، فإن هذا هو عين المنطق والعقل0
إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
وأخيرا أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يفرج كربة هذه الأخت وسائر الأخوات عاجلا غير آجل وأن يمن عليهم بالأزواج الصاحين والذرية الصالحة وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .